قصة ورسوم: شريف منصور
فى تلك البقعة من غابات إفريقيا عاش طفل صغير اسمه (بوجا).. كان (بوجا) طفل شديد الذكاء.. رقيق الشعور.. محبا لجميع المخلوقات التى تعيش معه فى الغابة.. كان يقضى جل أوقاته فى تأمل سحر الطبيعة ومحاولة التواصل مع جميع الحيوانات، ولأنه كان مسالما طيب القلب فقد آنست له الكثير من حيوانات الغابة وأحبته.. وساعده هذا فى اكتساب معرفة عظيمة بسلوك كل حيوان والطريقة المناسبة لمعاملته.. عندما كان يخرج (بوجا) من كوخه فى الظهيرة لجمع الثمار والموز كانت أمه تحذره من الحيوانات الشريرة وتطلب منه عدم الاقتراب من بعض الحيوانات حتى لا تؤذيه فكان (بوجا) يضحك ويطمئن أمه قائلا: "اطمئنى يا أمى.. الحيوانات جميعا كائنات طيبة ووفية ولا تخون أو تؤذى مثل البشر.. ونادرا ما يهاجم حيوان إلا للدفاع عن نفسه أو للحصول على طعامه".
وفى أحد الأيام كان (بوجا) يسير فى الغابة وهو ينظر إلى الطيور المحلقة فى السماء فلم يلاحظ حفرة عميقة أمامه كان قد صنعها بعض الصيادين وغطوها بالأعشاب، هوى (بوجا) فى الحفرة وفقد وعيه من قوة الارتطام.. وعندما أفاق راح يئن بصوت مسموع وقد شعر بأن ساقه أصيبت بضرر بالغ لأنه كان لا يستطيع تحريكها.. سمع صوته نمر جائع فاقترب من الحفرة وراح ينتظر على حافتها أملا فى الظفر بهذا الطفل الصغير.. كان (بوجا) فى موقف لا يحسد عليه، فلا هو يستطيع الحركة.. ولا هو يستطيع الانتظار فى مكانه، ولا يستطيع حتى محاولة الخروج من الحفرة.. وفجأة قفزت غوريلا هائلة الحجم من خلف إحدى الأشجار وراحت تدق صدرها بقبضتيها فى غضب فتوتر النمر ولاذ بالفرار.. راقب (بوجا) ما يحدث بدهشة، والغريب أنه لم يشعر بالخوف من الغوريلا، هبطت الغوريلا إلى الحفرة وحملت (بوجا) على كتفها ثم قفزت فى رشاقة متعلقة بحافة الحفرة وأخرجته منها ثم أرقدته على الأرض فى رفق.. ابتسم (بوجا) فى وداعة وأعطى للغوريلا ثمرة ناضجة كان يحملها فى ثيابه.. تناولت منه الغوريلا الثمرة فقال لها (بوجا):
- شكرا لك أيتها الغوريلا الطيبة.. لن أنسى لك صنيعك أبدا
اختفت الغوريلا بسرعة بين الأشجار ولم يلبث أهالى القرية أن عثروا على (بوجا) فحملوه إلى أمه التى راحت تعتنى به وتضمد جراحه بالأعشاب.. ولم يمض أسبوع حتى تماثل (بوجا) للشفاء.
وفى أحد الأيام تسلل إلى الغابة صياد غريب يحمل بندقية وكان يبدو وكأنه يبحث عن هدف يعرفه جيدا، فى هذا الوقت كان (بوجا) قد ذهب لمكان صديقته الغوريلا ليمنحها بعض الفاكهة اللذيذة ويلعب مع صغارها.. عندما برز فجأة ذلك الصياد الشرير وصوب بندقيته تجاه الغوريلا العملاقة صائحا:
- ياله من صيد ثمين.. سأحصل على كثير من المال عندما تسقطين برصاص بندقيتى المخدر أيتها الغوريلا وأبيعك فى مدينتى
تأهب الصياد لإطلاق الرصاص فقفز (بوجا) أمام الغوريلا ليحميها بجسده وصاح بالصياد:
- ابتعد أيها الصياد الشرير.. لن أسمح لك بإيذاء هذا المخلوق الطيب
رد الصياد فى شراسة:
- ابتعد أيها الطفل الأحمق حتى لا تصيبك رصاصتى.. هذا كائن متوحش سيدفع الكثيرون المال الوفير مقابل مشاهدته فى قفص أنيق فى حديقة الحيوان
كانت الغوريلا تشعر بالقلق لأنها تعلم جيدا من مواقف سابقة مع البشر أن رصاصة واحدة من بندقية الصياد كافية لإسقاط فيل كبير.. إلا أن خوفها على (بوجا) صديقها الجديد جعلها تدق على صدرها بقبضتيها فى غضب وتدفع (بوجا) جانبا ثم تهاجم الصياد.. كانت الرصاصة المخدرة أسرع منها فسقطت أرضا وسكن جسدها، هرع إليها (بوجا) فى جزع ليطمئن عليها فأدرك أنها مخدرة تماما، راح الصياد يربط الغوريلا بالحبال تأهبا لحملها إلى شاحنته القريبة فطرأت بذهن (بوجا) فكرة عبقرية.. قال للصياد: "معك حق أيها الصياد.. ولكن أعتقد أنك لو عدت بغوريلا أخرى ستحصل على ضعف المال الذى تريده.. وحتما سينالنى نصيب من هذا المال.. أليس كذلك؟".. ابتسم الصياد فى جشع وقال لـ (بوجا): "طفل ذكى.. هل تعرف مكان غوريلا أخرى؟"
قال (بوجا): "اتبعنى وأنا أدلك".. تقدم (بوجا) وراح يقود الصياد فى طريق يعرفه جيدا.. ولما بلغ مكان الحفرة التى سقط فيها سابقا والتى كانت مغطاة بالأعشاب الكثيفة دار حولها بطريقة غير ملحوظة ثم نادى على الصياد أن يتقدم، تقدم الصياد غير عالم بالفخ الذى ينتظره فهوى فى الحفرة العميقة.. هرع (بوجا) بسرعة إلى الغوريلا التى بدأت تفيق فمزق حبالها بسكينه الذى كان معه ثم سارع إلى قريته وأخبر الرجال بما حدث.. أسرع الرجال إلى الحفرة وقبضوا على الصياد وأوثقوه بالحبال ثم قادوه إلى حرس القرية لينال عقابه.. بعدها توطدت الصداقة بين الغوريلا و(بوجا) أكثر وصارا لا يفترقان وقد أثبت كل منهما للآخر بأفعاله أن جزاء الوفاء هو الوفاء وأن الصداقة كنز لا يقدر بمال
فى تلك البقعة من غابات إفريقيا عاش طفل صغير اسمه (بوجا).. كان (بوجا) طفل شديد الذكاء.. رقيق الشعور.. محبا لجميع المخلوقات التى تعيش معه فى الغابة.. كان يقضى جل أوقاته فى تأمل سحر الطبيعة ومحاولة التواصل مع جميع الحيوانات، ولأنه كان مسالما طيب القلب فقد آنست له الكثير من حيوانات الغابة وأحبته.. وساعده هذا فى اكتساب معرفة عظيمة بسلوك كل حيوان والطريقة المناسبة لمعاملته.. عندما كان يخرج (بوجا) من كوخه فى الظهيرة لجمع الثمار والموز كانت أمه تحذره من الحيوانات الشريرة وتطلب منه عدم الاقتراب من بعض الحيوانات حتى لا تؤذيه فكان (بوجا) يضحك ويطمئن أمه قائلا: "اطمئنى يا أمى.. الحيوانات جميعا كائنات طيبة ووفية ولا تخون أو تؤذى مثل البشر.. ونادرا ما يهاجم حيوان إلا للدفاع عن نفسه أو للحصول على طعامه".
وفى أحد الأيام كان (بوجا) يسير فى الغابة وهو ينظر إلى الطيور المحلقة فى السماء فلم يلاحظ حفرة عميقة أمامه كان قد صنعها بعض الصيادين وغطوها بالأعشاب، هوى (بوجا) فى الحفرة وفقد وعيه من قوة الارتطام.. وعندما أفاق راح يئن بصوت مسموع وقد شعر بأن ساقه أصيبت بضرر بالغ لأنه كان لا يستطيع تحريكها.. سمع صوته نمر جائع فاقترب من الحفرة وراح ينتظر على حافتها أملا فى الظفر بهذا الطفل الصغير.. كان (بوجا) فى موقف لا يحسد عليه، فلا هو يستطيع الحركة.. ولا هو يستطيع الانتظار فى مكانه، ولا يستطيع حتى محاولة الخروج من الحفرة.. وفجأة قفزت غوريلا هائلة الحجم من خلف إحدى الأشجار وراحت تدق صدرها بقبضتيها فى غضب فتوتر النمر ولاذ بالفرار.. راقب (بوجا) ما يحدث بدهشة، والغريب أنه لم يشعر بالخوف من الغوريلا، هبطت الغوريلا إلى الحفرة وحملت (بوجا) على كتفها ثم قفزت فى رشاقة متعلقة بحافة الحفرة وأخرجته منها ثم أرقدته على الأرض فى رفق.. ابتسم (بوجا) فى وداعة وأعطى للغوريلا ثمرة ناضجة كان يحملها فى ثيابه.. تناولت منه الغوريلا الثمرة فقال لها (بوجا):
- شكرا لك أيتها الغوريلا الطيبة.. لن أنسى لك صنيعك أبدا
اختفت الغوريلا بسرعة بين الأشجار ولم يلبث أهالى القرية أن عثروا على (بوجا) فحملوه إلى أمه التى راحت تعتنى به وتضمد جراحه بالأعشاب.. ولم يمض أسبوع حتى تماثل (بوجا) للشفاء.
وفى أحد الأيام تسلل إلى الغابة صياد غريب يحمل بندقية وكان يبدو وكأنه يبحث عن هدف يعرفه جيدا، فى هذا الوقت كان (بوجا) قد ذهب لمكان صديقته الغوريلا ليمنحها بعض الفاكهة اللذيذة ويلعب مع صغارها.. عندما برز فجأة ذلك الصياد الشرير وصوب بندقيته تجاه الغوريلا العملاقة صائحا:
- ياله من صيد ثمين.. سأحصل على كثير من المال عندما تسقطين برصاص بندقيتى المخدر أيتها الغوريلا وأبيعك فى مدينتى
تأهب الصياد لإطلاق الرصاص فقفز (بوجا) أمام الغوريلا ليحميها بجسده وصاح بالصياد:
- ابتعد أيها الصياد الشرير.. لن أسمح لك بإيذاء هذا المخلوق الطيب
رد الصياد فى شراسة:
- ابتعد أيها الطفل الأحمق حتى لا تصيبك رصاصتى.. هذا كائن متوحش سيدفع الكثيرون المال الوفير مقابل مشاهدته فى قفص أنيق فى حديقة الحيوان
كانت الغوريلا تشعر بالقلق لأنها تعلم جيدا من مواقف سابقة مع البشر أن رصاصة واحدة من بندقية الصياد كافية لإسقاط فيل كبير.. إلا أن خوفها على (بوجا) صديقها الجديد جعلها تدق على صدرها بقبضتيها فى غضب وتدفع (بوجا) جانبا ثم تهاجم الصياد.. كانت الرصاصة المخدرة أسرع منها فسقطت أرضا وسكن جسدها، هرع إليها (بوجا) فى جزع ليطمئن عليها فأدرك أنها مخدرة تماما، راح الصياد يربط الغوريلا بالحبال تأهبا لحملها إلى شاحنته القريبة فطرأت بذهن (بوجا) فكرة عبقرية.. قال للصياد: "معك حق أيها الصياد.. ولكن أعتقد أنك لو عدت بغوريلا أخرى ستحصل على ضعف المال الذى تريده.. وحتما سينالنى نصيب من هذا المال.. أليس كذلك؟".. ابتسم الصياد فى جشع وقال لـ (بوجا): "طفل ذكى.. هل تعرف مكان غوريلا أخرى؟"
قال (بوجا): "اتبعنى وأنا أدلك".. تقدم (بوجا) وراح يقود الصياد فى طريق يعرفه جيدا.. ولما بلغ مكان الحفرة التى سقط فيها سابقا والتى كانت مغطاة بالأعشاب الكثيفة دار حولها بطريقة غير ملحوظة ثم نادى على الصياد أن يتقدم، تقدم الصياد غير عالم بالفخ الذى ينتظره فهوى فى الحفرة العميقة.. هرع (بوجا) بسرعة إلى الغوريلا التى بدأت تفيق فمزق حبالها بسكينه الذى كان معه ثم سارع إلى قريته وأخبر الرجال بما حدث.. أسرع الرجال إلى الحفرة وقبضوا على الصياد وأوثقوه بالحبال ثم قادوه إلى حرس القرية لينال عقابه.. بعدها توطدت الصداقة بين الغوريلا و(بوجا) أكثر وصارا لا يفترقان وقد أثبت كل منهما للآخر بأفعاله أن جزاء الوفاء هو الوفاء وأن الصداقة كنز لا يقدر بمال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق