قصة ورسوم: شريف منصور
(مازن) طفل صغير سليط اللسان.. لا يتفوه إلا بالعبارات القاسية التى تؤذى مشاعر كل من حوله ، كذلك هو متمرد على جميع الأوامر والقيود.. عرف عنه والداه وأقاربه وجيرانه أنه ما إن تأمره أو تطلب منه فعل شىء ما حتى تجده يفعل عكسه تماما وكأنه يستمتع بمخالفة الأوامر، كل ذلك أدى إلى نفور الناس منه.. لم يكن له أصدقاء.. ولم يتحمس أحد من أطفال الجيران لمحاولة مصادقته، حتى أقاربه كانوا يتجنبون الاحتكاك به.. أما الوحيدة التى لم تستطع تجنبه ولا كرهه فهى أمه.. وبالرغم أنها كانت تعانى من سلوكه السيئ وإرهاقه المستمر لها بالطلبات فى ظل غياب أبيه الذى كان مسافرا أغلب الأوقات، وبالرغم من تألمها من نقد الناس المستمر له، إلا أنها كانت تصبر عليه وتلبى طلباته وتحاول إرضائه بكل السبل.. كثيرا ما طلبت منه الاهتمام بترتيب حجرته التى كانت دائما فى فوضى لا تنتهى، فكان يرد فى غضب:
- أحب الفوضى ولا أطيق النظام.. إن منظر الأشياء المرتبة يصيبنى بالجنون
وعندما كانت تنشغل بإعداد الطعام الذى يحبه (مازن) وتطلب منه شراء شيئا ما من دكان عم (محمود) كان يقول فى ضيق وهو منشغل كعادته فى اللعب على جهاز الكمبيوتر:
- ألا ترين أنى مشغولا؟ ليس بمقدورى ترك هذه اللعبة المهمة الآن
وعندما كان يحين موعد الطعام كان صوته المرتفع يصرخ مطالبا بالطعام:
- أين الطعام؟ لماذا تأخر؟ ألا تعلمين أنى أجوع فى هذا الوقت؟
فترد أمه فى نفاذ صبر:
- ولكنك لم تشترى لى الملح من الدكان.. ولن يمكننى طهو الطعام بدونه
فكان يرد فى برود: "لا أفهم شيئا سوى أننى جوعان".
فكانت أمه ترتدى ثيابها وتنزل مضطرة لشراء الحاجيات الناقصة من الدكان.. وبعدما كانت تنتهى من إعداد الطعام كانت تضعه أمام (مازن) فيلتهمه وهو يتفوه بعبارات سيئة على غرار: "لا يعجبنى ولكنى سآكله على كل حال" أو "لماذا الملح كثير فى الطعام؟" أو "لماذا لم تحضرين لى العصير لأشربه مع الطعام؟"
كانت الأم تتحمل سخافات (مازن) فى صبر عجيب حتى كان اليوم الذى زارت فيه عمته - التى كانت تعمل كطبيبة - منزلهم وراقبت عن قرب تصرفاته السيئة وردود فعل أمه الباردة على سلوكه.. كما لاحظت الإرهاق البادى على ملامح الأم فقالت لها فى غيظ:
- أنت تغذين الأنانية التى بداخله وتساعدينه على التمادى حتى أصابك الإرهاق بالمرض.. هذا الصبى لا ينفع معه هذا الأسلوب
ردت الأم فى يأس:
- وماذا عساى أن أفعل؟
- لدى خطة ولكنها تحتاج إلى قوة تحمل منك وسأشرحها لك حالا
فى آخر النهار فوجئ (مازن) بعمته تقول له:
- إن أمك متعبة وتحتاج لراحة تامة فى الفراش لمدة أسبوع على الأقل.. خلال هذا الأسبوع سأقيم معكما لأرعاها
فى اليوم الأول طلب (مازن) الطعام من عمته فردت فى برود:
- لا يوجد خبز فى المنزل ولا زيت.. من فضلك انزل للدكان واشترى لنا خبزا وزيتا.. لا أستطيع ترك والدتك على هذه الحالة وحدها
بدأ الجوع يتملك (مازن) وكبرياؤه يمنعه من النزول حتى قاربت الشمس على المغيب.. وكلما كان يطلب الطعام كان الرد يتكرر بصرامة من عمته حتى مل فصاح: "لا أريد أن آكل"
ردت العمة بهدوء: "كما تشاء"
فى المساء دخل (مازن) لينام وهو يتألم من الجوع ففوجئ بغرفته مقلوبة رأسا على عقب كما تركها فى الصباح ولم يقم أحد بترتيبها كما اعتادت أمه أن تفعل كل يوم، كان فراشه مغطى بالكثير من الأغراض والألعاب ويحتاج لمجهود شاق لإزالتها
خرج وهو ينتوى النوم فى الصالة فقالت له العمة فى برود:
- الصالة ليست مكانا للنوم.. اذهب لتنام فى غرفتك
- ولكنها غير مرتبة والسرير مغطى تماما باللعب
- حسنا لديك خياران: إما أن ترتب الغرفة وإما أن تنام على الأرض فى غرفتك
أصاب (مازن) الذهول فغادر الصالة غاضبا ودخل غرفته لينام على الأرض، وعانى ليلتها من آلام مبرحة فى ظهره
مرت الأيام ثقيلة على (مازن) وبدأ مع سياسة التجاهل يرتب أغراضه على مضض ويشترى لوازم الطعام حتى بدأ يعتاد على المشاركة والنظام.. وبدأ يشعر بأهمية أمه وصبرها عليه فتحول إلى طفل آخر.. بعد أسبوع ذهب ليقبل يد أمه فى غرفتها ويطمئن على صحتها وهو يقول فى خجل:
- لقد تعلمت درسا لن أنساه يا أمى وأعدك أن أصحح من أخطائى
أغرورقت عينا الأم بالدموع فاحتضنت (مازن) وابتسمت العمة فى انتصار.. فقد نجحت خطتها البسيطة وأتت بثمارها
(مازن) طفل صغير سليط اللسان.. لا يتفوه إلا بالعبارات القاسية التى تؤذى مشاعر كل من حوله ، كذلك هو متمرد على جميع الأوامر والقيود.. عرف عنه والداه وأقاربه وجيرانه أنه ما إن تأمره أو تطلب منه فعل شىء ما حتى تجده يفعل عكسه تماما وكأنه يستمتع بمخالفة الأوامر، كل ذلك أدى إلى نفور الناس منه.. لم يكن له أصدقاء.. ولم يتحمس أحد من أطفال الجيران لمحاولة مصادقته، حتى أقاربه كانوا يتجنبون الاحتكاك به.. أما الوحيدة التى لم تستطع تجنبه ولا كرهه فهى أمه.. وبالرغم أنها كانت تعانى من سلوكه السيئ وإرهاقه المستمر لها بالطلبات فى ظل غياب أبيه الذى كان مسافرا أغلب الأوقات، وبالرغم من تألمها من نقد الناس المستمر له، إلا أنها كانت تصبر عليه وتلبى طلباته وتحاول إرضائه بكل السبل.. كثيرا ما طلبت منه الاهتمام بترتيب حجرته التى كانت دائما فى فوضى لا تنتهى، فكان يرد فى غضب:
- أحب الفوضى ولا أطيق النظام.. إن منظر الأشياء المرتبة يصيبنى بالجنون
وعندما كانت تنشغل بإعداد الطعام الذى يحبه (مازن) وتطلب منه شراء شيئا ما من دكان عم (محمود) كان يقول فى ضيق وهو منشغل كعادته فى اللعب على جهاز الكمبيوتر:
- ألا ترين أنى مشغولا؟ ليس بمقدورى ترك هذه اللعبة المهمة الآن
وعندما كان يحين موعد الطعام كان صوته المرتفع يصرخ مطالبا بالطعام:
- أين الطعام؟ لماذا تأخر؟ ألا تعلمين أنى أجوع فى هذا الوقت؟
فترد أمه فى نفاذ صبر:
- ولكنك لم تشترى لى الملح من الدكان.. ولن يمكننى طهو الطعام بدونه
فكان يرد فى برود: "لا أفهم شيئا سوى أننى جوعان".
فكانت أمه ترتدى ثيابها وتنزل مضطرة لشراء الحاجيات الناقصة من الدكان.. وبعدما كانت تنتهى من إعداد الطعام كانت تضعه أمام (مازن) فيلتهمه وهو يتفوه بعبارات سيئة على غرار: "لا يعجبنى ولكنى سآكله على كل حال" أو "لماذا الملح كثير فى الطعام؟" أو "لماذا لم تحضرين لى العصير لأشربه مع الطعام؟"
كانت الأم تتحمل سخافات (مازن) فى صبر عجيب حتى كان اليوم الذى زارت فيه عمته - التى كانت تعمل كطبيبة - منزلهم وراقبت عن قرب تصرفاته السيئة وردود فعل أمه الباردة على سلوكه.. كما لاحظت الإرهاق البادى على ملامح الأم فقالت لها فى غيظ:
- أنت تغذين الأنانية التى بداخله وتساعدينه على التمادى حتى أصابك الإرهاق بالمرض.. هذا الصبى لا ينفع معه هذا الأسلوب
ردت الأم فى يأس:
- وماذا عساى أن أفعل؟
- لدى خطة ولكنها تحتاج إلى قوة تحمل منك وسأشرحها لك حالا
فى آخر النهار فوجئ (مازن) بعمته تقول له:
- إن أمك متعبة وتحتاج لراحة تامة فى الفراش لمدة أسبوع على الأقل.. خلال هذا الأسبوع سأقيم معكما لأرعاها
فى اليوم الأول طلب (مازن) الطعام من عمته فردت فى برود:
- لا يوجد خبز فى المنزل ولا زيت.. من فضلك انزل للدكان واشترى لنا خبزا وزيتا.. لا أستطيع ترك والدتك على هذه الحالة وحدها
بدأ الجوع يتملك (مازن) وكبرياؤه يمنعه من النزول حتى قاربت الشمس على المغيب.. وكلما كان يطلب الطعام كان الرد يتكرر بصرامة من عمته حتى مل فصاح: "لا أريد أن آكل"
ردت العمة بهدوء: "كما تشاء"
فى المساء دخل (مازن) لينام وهو يتألم من الجوع ففوجئ بغرفته مقلوبة رأسا على عقب كما تركها فى الصباح ولم يقم أحد بترتيبها كما اعتادت أمه أن تفعل كل يوم، كان فراشه مغطى بالكثير من الأغراض والألعاب ويحتاج لمجهود شاق لإزالتها
خرج وهو ينتوى النوم فى الصالة فقالت له العمة فى برود:
- الصالة ليست مكانا للنوم.. اذهب لتنام فى غرفتك
- ولكنها غير مرتبة والسرير مغطى تماما باللعب
- حسنا لديك خياران: إما أن ترتب الغرفة وإما أن تنام على الأرض فى غرفتك
أصاب (مازن) الذهول فغادر الصالة غاضبا ودخل غرفته لينام على الأرض، وعانى ليلتها من آلام مبرحة فى ظهره
مرت الأيام ثقيلة على (مازن) وبدأ مع سياسة التجاهل يرتب أغراضه على مضض ويشترى لوازم الطعام حتى بدأ يعتاد على المشاركة والنظام.. وبدأ يشعر بأهمية أمه وصبرها عليه فتحول إلى طفل آخر.. بعد أسبوع ذهب ليقبل يد أمه فى غرفتها ويطمئن على صحتها وهو يقول فى خجل:
- لقد تعلمت درسا لن أنساه يا أمى وأعدك أن أصحح من أخطائى
أغرورقت عينا الأم بالدموع فاحتضنت (مازن) وابتسمت العمة فى انتصار.. فقد نجحت خطتها البسيطة وأتت بثمارها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق