الثلاثاء، 1 يوليو 2014

زائر من الفضاء

قصة ورسوم: شريف منصور
 


(مروان) صبى فى غاية الذكاء والنبوغ.. لا يكف عقله الصغير عن العمل وعن التساؤل عن كل شىء.. من هواياته المحببة الاختراعات ومحاولة إصلاح الأشياء.. فى البداية رحب والداه بالأمر خاصة أن (مروان) كان متفوقا فى دراسته ويعرف جيدا كيف ينظم وقته بين الدراسة والهواية.. كما أن العيب الخلقى والتشوه الذى ولد به فى ساقه والذى كان يجعله يعرج فى سيره ويثير سخرية بعض زملائه جعل والداه يحرصان على تشجيعه وعدم إحساسه بأنه طفل مختلف.. إلا أن الحوادث التى تكررت فى المنزل بسبب هوايات (مروان) جعلتهما فى غاية الانزعاج.. فذات مرة فى أثناء غياب والديه قام (مروان) بمحاولة إصلاح جهاز التلفاز الذى أصابه عطل ما ، قام (مروان) بتفكيك الجهاز إلى قطع صغيرة وراح يحاول معرفة وظيفة كل جزء من مكوناته.. وعندما رأى والده الأمر انزعج بشدة ورفض أن يحاول (مروان) إصلاحه وسارع بالاتصال بأخصائى إصلاح التلفاز.. وذات مرة قام  (مروان) باختراع سماعة مضخمة للصوت صنعها من بعض المكونات البسيطة ثم وصلها بجهاز الكاسيت الموجود بغرفته فتسبب فى ضوضاء أزعجت جميع سكان البناية الذين اشتكوا لوالد (مروان) مما فعل ابنه.. مرة أخرى حاول إصلاح سيارة والده فتسبب فى خلل كبير بمحركها.. عاقب الأب (مروان) ومنعه تماما من ممارسة هواياته المدمرة إلا أن (مروان) لم يستسلم فواصل القراءة العلمية المتخصصة لصقل موهبته والتعلم والتجربة على أشيائه الخاصة وابتكار الاختراعات المفيدة الغير مزعجة.. ومع الوقت استطاع (مروان) إبهار معلميه وأصدقائه وأصدقاء والده بنبوغه وعبقريته فبدأ والداه يشعران بالفخر بعدما كانا يشعران بالانزعاج..
وفى إحدى الأمسيات التى كان  (مروان) فيها ساهرا يعمل على أحد اختراعاته فوجئ بضوء مبهر يشع من نافذة حجرته المفتوحة.. لفت الأمر انتباهه فنظر من النافذة.. ولاحظ لدهشته شعاع من الضوء العجيب يهوى بسرعة مذهلة من السماء فى اتجاه منزله.. تابع الشعاع ببصره حتى هبط فى (جراج) منزله الذى كان والده يحتفظ فيه بسيارته.. غلب (مروان) الفضول فنزل إلى حديقة منزله وراح يسير فى اتجاه (الجراج) وهو يعرج بساقه المشوهة.. وبعد دقائق بلغ المكان فدلف إليه وهو يشعر بخوف ممزوج بالفضول.. وجد بالداخل ما أثار ذهوله.. كان هناك طبقا طائرا مثل تلك الأطباق التى شاهدها من قبل فى أفلام الخيال العلمى متوسط الحجم يستقر فى ركن الجراج والدخان يتصاعد منه.. أما الأكثر إدهاشا فهو ذلك الكائن الذى كان منكفئا على الطبق يفحصه.. شهق (مروان) فى خوف وتراجع للخلف فلم تساعده ساقه المصابة وهوى أرضا من الحركة المفاجئة.. التفت إليه ذلك الكائن العجيب.. كان يماثل (مروان) فى الحجم والطول إلا أنه كان أخضر اللون أصلع الرأس يرتدى ثيابا عجيبة وله أربعة أصابع فى كل يد بدلا من خمسة.. فوجئ به (مروان) يقول فى هدوء باللغة العربية:
- لا تخف.. لن أؤذيك
سأله (مروان) وهو ينهض مرتجفا: "من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟"
رد الكائن:
- أنا كائن فضائى من كوكب بعيد اسمه (زايجور) خارج مجرتكم، واسمى (سيتا).. كنت فى رحلة استكشافية فى كوكبكم عندما حدث خلل بمحرك سفينتى الفضائية التى تراها فهوت بى إلى هنا.. ويبدو أننى لن أستطيع إصلاحها لأن العطل خطير وأخشى أننى لن أتمكن من العودة إلى وطنى
- كيف تجيد لغتنى؟ وهل ستؤذينى؟
- تقنيات كوكبنا المتقدمة تسمح لنا باكتساب اللغات فى أسرع وقت وإجادتها.. ولقد أمضيت بعض الوقت على كوكبك وأتقنت لغتكم فى وقت قياسى.. لا تقلق لم آت هنا لإيذائك فأنا من كوكب مسالم..
شعر (مروان) بالدهشة مما سمع وراح يتامل المخلوق العجيب الذى اكتسى وجهه بالحزن الشديد.. غلب الفضول (مروان) وهو يتفحص الطبق الطائر فقال لـ (سيتا): انتظرنى لدقائق
غاب (مروان) داخل منزله لبعض الوقت ثم عاد للكائن الفضائى بصندوق يحمل فيه مجموعة من أدوات ومعدات دقيقة يستخدمها فى عمله، ابتسم وقال لـ (سيتا):
- لا تقلق يا صديقى.. أستطيع مساعدتك
راح (مروان) طيلة الليل يحاول إصلاح محرك السفينة.. وبعد أن أوشك الليل على الانتهاء سمع الاثنان صوت المحرك وهو يعلن عودته للعمل.. هلل (سيتا) غير مصدقا وراح يتقافز من الفرحة واحتضن (مروان) قائلا:
- لا أعرف كيف أشكرك يا صديقى.. أنت أذكى المخلوقات التى شاهدتها على كوكبكم.. أستطيع الآن العودة إلى وطنى.. ولكن قبل أن أرحل لدى لك مكافأة ردا لصنيعك معى..
نظر له (مروان) فى تساؤل فأخرج (ستا) من ثيابه قضيبا شفافا يشع بالضوء ووجهه إلى ساق (مروان) المشوهة.. خرج منه ضوء أزرق عجيب أحاط بساق (مروان) لدقائق ثم اختفى.. أصاب (مروان) الذهول فقد فوجئ بأنه يستطيع التحرك بصورة طبيعية وأن ساقه برأت تماما مما كان فيها.. راح يسير ويجرى فى نشاط عجيب فابتسم (سيتا) له فى ود وقال له وهو يدلف إلى مركبته الفضائية:
- هذا أقل ما تستحقه يا صديقى الأرضى.. إننا نملك وسائل متقدمة للغاية لعلاج كل الأمراض.. آسف لأننى لن أستطيع البقاء أكثر من هذا ويجب على الرحيل فورا.. سلام يا صديقى وتأكد أننى سأعاود زيارتك فى وقت آخر
أغلق (سيتا) باب السفينة وطار بالطبق خارجا من الجراج بسرعة مذهلة تاركا (مروان) الذى لوح له فى سعادة بالغة قائلا:
- وداعا يا صديقى وشكرا لك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق