الثلاثاء، 1 يوليو 2014

العملاق (سمسم)

مستوحاة من التراث - قصة ورسوم: شريف منصور
 

فى إحدى القرى عاش فلاح اسمه (صابر).. وكان (صابر) كسولا جدا، يمضى أوقاته فى النوم تحت الأشجار، أو السير فى الطرقات بلا هدف.. وفى أحد الأيام وبينما كان سائرا فوجئ بجرة ملقاة على جانب الطريق، فاقترب منها.. وعندما حملها ونظر داخلها تملكه العجب، فقد كان فى قاعها قزم لا يتجاوز طوله ثلاثة بوصات
قال (صابر) فى دهشة: "من أنت أيها المخلوق الغريب؟"
أجابه القزم: "أنا قزم وحيد ومسكين واسمى (سمسم).. خذنى معك يا (صابر) أرجوك.. سنلهو معا وستحبني كثيرا"..
ابتسم (صابر) وقال: "فكرة جميلة.. ستكون لى تسلية رائعة أيها القزم"..
وانطلق (صابر) بالجرة نحو كوخه، و عندما وصل حمل القزم على راحته وأنزله برفق على الأرض ثم أشار إلى كوخه قائلا: "هذا هو بيتى يا (سمسم) وآمل أن يعجبك"...
وفى صباح اليوم التالى خرج (صابر) للنزهة كعادته، وأمضى نهاره يتسكع هنا وهناك فى طرقات القرية.. وعندما عاد إلى كوخه آخر النهار فوجئ بعملاق يحتل المكان، وعندما أمعن النظر فيه تبين له أنه القزم (سمسم) الذى أخرجه من الجرة وأسكنه كوخه.. صاح (صابر) بفزع: "يا إلهى!! كيف أصبحت بهذا الحجم يا (سمسم)؟"
رد (سمسم): "هذا سر لن أبوح لك به يا (صابر).. وعليك منذ هذه اللحظة أن تقوم بخدمة (سمسم) العملاق و تنفذ كل رغباته وإلا..."
قال هذا وهو يرفع قبضته الجبارة مهددا، فذعر (صابر) وقال بخوف: "حاضر.. حاضر.. سأنفذ كل ما تطلبه منى يا (سمسم)"..
وقام (صابر) على خدمة (سمسم) وتنفيذ طلباته التي كانت مرهقة، فكان يحضر له عصير البرتقال فى الصباح، والفاكهة الطازجة عند الظهر، والخبز مع الجبن أو الزيتون فى المساء.
وفى الصباح خرج (صابر) للتنزه والتسكع، و عندما عاد أبصر العملاق قد نما أكثر وأكثر حتى ضاق به الكوخ، فصرخ (صابر): "ياللهول، سيحطم كوخى"!
وأمضى (صابر) ليلته أمام باب كوخه دون نوم بسبب الخوف.. وفى الصباح، ذهب يتنزه فى الطرقات والحقول، فأبصر جاره العجوز (حسان) يعمل فى حقله و قد هده التعب، استنجد العجوز بجاره (صابر) قائلا: "ألا تساعدنى فى حصاد القمح يا (صابر)؟"!
فكر (صابر): "ليس لدى رغبة فى العمل، لكننى أخجل أن أرفض طلب هذا العجوز"
وراح (صابر) يعمل فى الحقل بهمة و نشاط.. وما إن شارفت الشمس على المغيب، حتى كان قد أنجز مع جاره حصاد نصف الحقل.. قال الجار: "لقد أنجزنا الكثير، شكرا لك يا (صابر) على مساعدتى"..
قال (صابر): "بل الشكر لك.. فأنا أشعر بسعادة كبيرة بعد عمل يوم كامل"
وعندما عاد (صابر) إلى كوخه، كانت هناك مفاجأة فى انتظاره.. لقد تضائل حجم (سمسم) قليلا
تسائل (صابر): "ما السر فى ذلك يا ترى؟"
وفى اليوم التالى، خرج (صابر) إلى الحقول، فسأله جاره العجوز (حسان): ألا تساعدنى اليوم أيضا يا (صابر)؟
رد (صابر): "بلى بلى، انتظرنى.. سأحضر منجلى فهو حاد جدا".. وعندما عاد (صابر) بعد الظهر إلى كوخه، فوجئ أكثر، لقد تضائل حجم (سمسم) كثيرا فخاطبه: "ياه.. لقد تضائلت كثيرا يا صاحبى!"
قال (سمسم): "لقد خاب ظنى بك.. لماذا تحمل منجلك كل يوم و تمضى لمساعدة جارك؟ ألا تعرف أن عملك هذا يجعلنى أتضائل أكثر؟"
وصار (صابر) يذهب يوميا إلى الحقول لمساعدة كل من يطلب المساعدة منه، وفى إحدى المرات عاد إلى كوخه فوجد (سمسم) قد عاد إلى حجمه الأول، فصاح به: "ها.. وآلان ما رأيك يا (سمسم)؟"
قال (سمسم) متوسلا: "أرجوك يا  (صابر) أعدني إلى جرتى و ضعنى على قارعة الطريق، أخشى إذا استمر الحال هكذا أن يأتى يوم أتلاشى فيه".
قال  (صابر): "هذا ما سافعله يا عزيزى".. ثم تناول القزم وألقاه فى الجرة قائلا: "العمل هو عدوك إذن أيها القزم".
قص (صابر) حكايته مع القزم على جاره الحكيم (عدنان) فلم يعلق عليها بل ابتسم و قال: "القزم هو الكسل، يظل قزما إذا لم يهتم أحد به".. أما سكان القرية فقد صدق بعضهم حكاية (صابر) وشكك بها بعضهم الآخر.. لكن أحدا منهم لم يفكر بالنظر إلى الجرة.. كانوا جميعا نشيطين، ولا وقت لديهم للبحث عن الكسل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق