الثلاثاء، 1 يوليو 2014

البحث عن موهبة

قصة ورسوم: شريف منصور

 
(عمرو) صبى متوسط الذكاء والموهبة.. لا يوجد ما يميزه عن أقرانه.. حاول كثيرا أن يتفوق فى مجال ما وجرب فعل جميع الأشياء ولكنه كان يكتشف فى كل مرة أنه لا يملك موهبة حقيقية.. وكثيرا ما أصابه الإحباط ولكنه لم يستسلم وواصل محاولاته للعثور على موهبته.. قال له والده يوما لما رأى إصراره:
- يا ولدى كل إنسان يملك ما يميزه عن غيره.. وليس شرطا أن تكون تلك الميزة موهبة فنية أو رياضية.. ربما كانت شيئا آخر لا تتوقعه.. لا يمكننى أن أمنعك من محاولاتك فهذا سلوك محمود ولكن.. كن واقعيا فى بحثك.. ولا تحاول التفوق فى مجال أنت لا تملك مؤهلاته.. أراك كثيرا ما تحاول فى مجالات بعيدة تماما عن ميولك ولا تحبها أصلا.. لماذا لا تسأل نفسك أولا: ما الذى تحبه وتجيده أكثر من أقرانك؟ عندما تجد هذا الشىء سيكون من المنطقى ساعتها أن تبذل كل جهدك لتنميته وتطويره بالعمل والدراسة.
إلا أن (عمرو) لم يكن يعى تماما كلام والده ، كان يشعر بالغيرة من زملائه المتفوقين فى الرياضة والموسيقى والرسم والشعر.. وذات يوم قرأ إعلانا فى مدرسته عن مسابقة لتأليف الشعر على مستوى المدرسة.. لم يكن (عمرو) ممن يجيدون كتابة الشعر إلا أنه عندما علم أن زميله المتفوق (زياد) والأصغر منه سنا بقليل سوف يتقدم للمسابقة قرر خوض التجربة.. كان لـ (عمرو) صديقا مقربا ومخلصا اسمه (شادى).. عندما علم (شادى) أن (عمرو) اتخذ هذا القرار حاول إثنائه عن فكرته وقال له:
- يا صديقى أنت لا تحب الشعر ولم تكتب فى حياتك شعرا.. هذه المنافسة ليست فى صالحك؟ لماذا لا تجرب شيئا آخر؟
رد (عمرو) بغضب:
- بل أحبه وأجيده أكثر من (زياد) هذا.. لماذا تحاول إحباطى؟ أنت تغير منى وتخشى أن أكون أفضل منك
صدم (شادى) لسماع هذه الكلمات فترك (عمرو) بعد أن عجز عن لإقناعه.. وبعد أن تقدم (عمرو) للمسابقة اعتكف بالأيام فى غرفته لمحاولة كتابة قصيدة جميلة.. حاول مرات ومرات بلا جدوى.. ولكن غيرته من (زياد) دفعته دفعا للاستمرار فى عناده.. حاول والده نصحه ولكن بلا جدوى.. ولما لم يتبق على موعد المسابقة سوى يوم واحد ولم يكن (عمرو) قد كتب شيئا سوى بعض الكلمات البائسة ضعيفة المستوى.. اتخذ قرارا مفاجئا.. سيسرق قصيدة لأحد الشعراء القدامى المشهورين ويقدمها باسمه.. هذا هو الحل الوحيد للحفاظ على ماء وجهه.. نقل قصيدة متوسطة الطول عظيمة المعنى لشاعر قديم فى ورقة ثم احتفظ بالورقة على مكتبه ونام وهو يحلم بالجائزة التى سينالها والتقدير الذى سيحظى به.. وراح يتخيل غيرة وحسد (زياد) عندما يخسر المسابقة أمامه..
فى اليوم التالى بدأت المسابقة وراح كل طالب من المتقدمين للمسابقة يقرأ ما كتبه فى المذياع أمام المحكمين.. ولما جاء دور (زياد) قرأ أبيات شعر من نظمه أثارت إعجاب واستحسان الجميع.. ولما جاء دور(مروان) ووقف أمام المذياع أخرج الورقة من جيب قميصه.. وكانت المفاجأة المذهلة: لقد أخذ ورقة أخرى غير تلك التى كتب فيها القصيدة المسروقة.. أخذ ورقة كان بها محاولة بائسة من محاولاته فى الأيام السابقة.. تصبب عرقا وشعر أن الأرض تميد به.. لم يكن أمامه سبيل سوى قراءة كلامه الساذج الذى كتبه.. قرأ بصوت مرتعش الكلام الساذج الذى كتبه أمام الطلبة والمحكمين فضجت المدرسة بالضحك وانهالت عليه التعليقات الساخرة من الجميع.. شعر أنه يمر بكابوس وأن ما يحدث له غير حقيقى.. ألقى بالورقة وجرى مبتعدا عن الجميع وهو يبكى.. إلا أن ذراعى والده أوقفتاه وراح يربت عليه محاولا التهدئة من روعه.. قال له بصوت فيه مزيج من الحزم والشفقة:
- حاولت نصحك ولم تستمع لنصيحتى.. لا بأس.. سنحاول إصلاح هذه المشكلة
قال (مروان) بصوت يخنقه الدموع:
- كيف؟
قال والده مبتسما:
- عندما تعود معى للمنزل سنبدأ فى البحث عن موهبتك الحقيقية.. يجب أن نبحث عما تحبه وتجيده.. وحتى لو لم تكن لك مواهب فبالتأكيد فيك مزايا رائعة أنت قد لا تدركها.. عدنى أن تساعدنى فى رحلة البحث عن موهبتك وألا تحاول خداع نفسك وغيرك ثانية
قال (مروان) بصدق:
- أعدك يا أبى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق