قصة ورسوم: شريف منصور
عاش مزارع طيب عجوز اسمه (أمين) فى مزرعة صغيرة جميلة يزرع فيها المحاصيل ثم يبيع ما تجود به الأرض من خير، كان ميسور الحال ولا يكف عن شكر الله على نعمته.. وحدث أن مرت أرضه بفترة جدب وجفاف طويلة ولم تعد تطرح المحاصيل كسابق عهدها.. بدأ الحال يتغير بعم (أمين) وضاق به الحال.. إلا أنه كعادته لم يكن يكف عن حمد الله قائلا: "الله هو الرزاق.. وله الحمد فى السراء والضراء".. بدأ عم (أمين) يستدين من معارفه على أمل أن يتحسن الحال وتعود الأرض لسابق عهدها فيرد ما اقترضه من مال.. لكن الحال لم يتغير وضاق الحال أكثر وأكثر حتى أن الأرض توقفت تماما عن طرح المحاصيل.. ولما أدرك الدائنون أنه لا أمل قريب فى تغير الحال طالبوا عم (أمين) بأموالهم.. ولأنه كان أمينا صادقا فقد اضطر لبيع الكثير من ممتلكاته الثمينة لسداد دينه.. باع حصانه الأبيض الجميل، وباع أثاث منزله، وباع ملابسه فلم يتبق له سوى بيته الريفى الجميل الخالى وأرضه الجدباء.. وفى النهاية سدد ما عليه من دين وراح يدعو الله أن يرفع عن البلاء.. ومرت عليه فترة طويلة من ضيق العيش والفقر والجوع والحاجة..
وذات يوم بينما كان يصلى لله فى جوف الليل سمع صوت خوار صادر من خارج المنزل.. خرج ليتفقد مصدر الصوت ففوجئ ببقرة سمينة بنية اللون بها بقعتان سوداوتان واحدة كبيرة على ظهرها والأخرى صغيرة على رقبتها.. شعر عم (أمين) بالدهشة لوجود هذه البقرة فى مزرعته وقدر أنها ملكا لأحد التجار أو المزارعين وضلت طريقها إلى مزرعته.. ربت على البقرة فى حنان ثم اقتادها إلى الاسطبل الذى كان يقيم فيه حصانه الذى باعه ثم قال لها فى حزن:
- آسف يا عزيزتى.. لا أملك لك طعاما ولكننى من الغد إن شاء الله سأسعى للبحث عن صاحبك لأعيدك إليه.. فأنت أمانة يجب أن تعود إلى صاحبها
فى ذلك اليوم وسوس الشيطان لعم (أمين) وزين له أن يأخذ البقرة لنفسه ويبيعها ليستفيد من ثمنها حيث أنها بلا صاحب وما أحوجه إلى المال فى تلك الضائقة.. إلا أن عم (أمين) استعاذ بالله وراح يدعوه أن يفرج كربه..
فى اليوم التالى راح عم (أمين) يسأل كل التجار والبائعين والمزارعين فى البلدة وفى المناطق المحيطة القريبة عما إذا كان أحدهم قد فقد بقرة.. أجاب أغلبهم بلا.. وطمع البعض فى البقرة فكان الواحد منهم يقول كاذبا: "نعم فقدت بقرة من بقراتى".. ولكن عم (أمين) كان يسأل كل شخص أولا عن مواصفات البقرة الضالة حتى يعطيها له.. فكان الكاذب والمحتال يفشل فى معرفة مواصفات البقرة ولونها وموضع البقعتين اللتين على جلدها ولونهما.. فى نهاية المطاف لم يعثر (أمين) على صاحب للبقرة فى البلدة بأسرها فعاد لمزرعته وقال للبقرة حزينا:
- لا ادرى كيف أعتنى بك وأطعمك وأنا على هذا الحال؟ سأنتظر حتى يظهر صاحبك كما سأدعو الله أن يرزقنى وإياك
فى الأيام التالية لاحظ (أمين) العجب العجاب.. فإلى جانب أن البقرة كانت لا تأكل - ومع ذلك كانت فى غاية الصحة والنشاط - فقد لاحظ حدوث معجزة لم يكن يتصور حدوثها.. أرضه أنبتت الكثير من المحاصيل بين ليلة وضحاها.. لم يصدق عينيه وسجد لله شكرا ثم قال للبقرة مبتهجا:
- لعل الله قد رزقنى بك أيها البقرة الطيبة المباركة
جمع عم (أمين) المحاصيل وباعها وحصل على الكثير من الأموال فأطعم البقرة وأطعم نفسه وبدأت أحواله تتحسن.. والعجيب أنه بات يرى نفس المعجزة تحدث كل يوم.. بعد أن يجمع كل المحاصيل ويبيعها ينام ويستيقظ فيجد محاصيلا جديدة مكتملة النمو نابتة فى أرضه.. ومرت الأيام على هذا الحال حتى خرج عم (أمين) من ضائقته ووسع رزقه حتى أصبح فى حال أكثر سعة من ذى قبل.. ولما لاحظ التجار والمزارعون ما حل به أصابتهم الدهشة والغيرة والحقد.. وربط أحد التجار الخبثاء واسمه (كرمان) بين البقرة التى أخبرهم (أمين) بعثوره عليها وبين الرزق الوفير والبركة التى حلت عليه.. فقرر الحصول على هذه البقرة بأى ثمن.. تسلل فى الليل إلى داخل مزرعة عم (أمين) واختلس النظر من نافذة الاسطبل المفتوحة فرأى البقرة وعرف مواصفاتها ولونها.. وفى اليوم التالى أتى لعم (أمين) وهو يدعى أنه اكتشف بقرة ناقصة من بقراته كان قد نسيها.. ولما طالبه عم (أمين) بذكر مواصفاتها أخبره (كرمان) بلونها ولون ومكان البقعتين اللتين على بطنها ورقبتها.. وبرغم حزن عم (أمين) على أنه سيفارق البقرة الطيبة المباركة إلا أنه منحها لكرمان راضيا وقال له: "هذه أمانتك التى استودعنى إياها الله.. خذها وحافظ عليها"..
عندما عاد التاجر الثرى بالبقرة تبدلت أحواله.. لم يكد يمر أسبوع حتى ماتت كل حيواناته.. وجفت أرضه.. وضاعت أمواله حتى شعر بالخوف والجزع فسارع بإعادة البقرة إلى عم (أمين) واعترف له بكذبه وبالخدعة التى فعلها فربت (أمين) على البقرة وقال:
- الآن عرفت أن هذه البقرة المباركة كانت جزاء خير من الله على صبرى وعلى أمانتى.. وهى أيضا جزاء شر لك على كذبك وطمعك.. ومن اليوم لن أفارقها أبدا وسأسميها (أمانة)
منح (أمين) للتاجر ما يحتاجه من مال ليبدأ من جيد وأخبره بأن الله سيغفر له ويزيح عنه البلاء طالما اعترف بذنبه وتاب عنه.. وعاش عم (أمين) فى رغد وهناء مع البقرة الطيبة وصار من أغنى أغنياء بلدته.. ولم يكف يوما عن حمد الله وشكره على نعمته وعن العطف على الفقراء والمساكين ومساعدتهم.
عاش مزارع طيب عجوز اسمه (أمين) فى مزرعة صغيرة جميلة يزرع فيها المحاصيل ثم يبيع ما تجود به الأرض من خير، كان ميسور الحال ولا يكف عن شكر الله على نعمته.. وحدث أن مرت أرضه بفترة جدب وجفاف طويلة ولم تعد تطرح المحاصيل كسابق عهدها.. بدأ الحال يتغير بعم (أمين) وضاق به الحال.. إلا أنه كعادته لم يكن يكف عن حمد الله قائلا: "الله هو الرزاق.. وله الحمد فى السراء والضراء".. بدأ عم (أمين) يستدين من معارفه على أمل أن يتحسن الحال وتعود الأرض لسابق عهدها فيرد ما اقترضه من مال.. لكن الحال لم يتغير وضاق الحال أكثر وأكثر حتى أن الأرض توقفت تماما عن طرح المحاصيل.. ولما أدرك الدائنون أنه لا أمل قريب فى تغير الحال طالبوا عم (أمين) بأموالهم.. ولأنه كان أمينا صادقا فقد اضطر لبيع الكثير من ممتلكاته الثمينة لسداد دينه.. باع حصانه الأبيض الجميل، وباع أثاث منزله، وباع ملابسه فلم يتبق له سوى بيته الريفى الجميل الخالى وأرضه الجدباء.. وفى النهاية سدد ما عليه من دين وراح يدعو الله أن يرفع عن البلاء.. ومرت عليه فترة طويلة من ضيق العيش والفقر والجوع والحاجة..
وذات يوم بينما كان يصلى لله فى جوف الليل سمع صوت خوار صادر من خارج المنزل.. خرج ليتفقد مصدر الصوت ففوجئ ببقرة سمينة بنية اللون بها بقعتان سوداوتان واحدة كبيرة على ظهرها والأخرى صغيرة على رقبتها.. شعر عم (أمين) بالدهشة لوجود هذه البقرة فى مزرعته وقدر أنها ملكا لأحد التجار أو المزارعين وضلت طريقها إلى مزرعته.. ربت على البقرة فى حنان ثم اقتادها إلى الاسطبل الذى كان يقيم فيه حصانه الذى باعه ثم قال لها فى حزن:
- آسف يا عزيزتى.. لا أملك لك طعاما ولكننى من الغد إن شاء الله سأسعى للبحث عن صاحبك لأعيدك إليه.. فأنت أمانة يجب أن تعود إلى صاحبها
فى ذلك اليوم وسوس الشيطان لعم (أمين) وزين له أن يأخذ البقرة لنفسه ويبيعها ليستفيد من ثمنها حيث أنها بلا صاحب وما أحوجه إلى المال فى تلك الضائقة.. إلا أن عم (أمين) استعاذ بالله وراح يدعوه أن يفرج كربه..
فى اليوم التالى راح عم (أمين) يسأل كل التجار والبائعين والمزارعين فى البلدة وفى المناطق المحيطة القريبة عما إذا كان أحدهم قد فقد بقرة.. أجاب أغلبهم بلا.. وطمع البعض فى البقرة فكان الواحد منهم يقول كاذبا: "نعم فقدت بقرة من بقراتى".. ولكن عم (أمين) كان يسأل كل شخص أولا عن مواصفات البقرة الضالة حتى يعطيها له.. فكان الكاذب والمحتال يفشل فى معرفة مواصفات البقرة ولونها وموضع البقعتين اللتين على جلدها ولونهما.. فى نهاية المطاف لم يعثر (أمين) على صاحب للبقرة فى البلدة بأسرها فعاد لمزرعته وقال للبقرة حزينا:
- لا ادرى كيف أعتنى بك وأطعمك وأنا على هذا الحال؟ سأنتظر حتى يظهر صاحبك كما سأدعو الله أن يرزقنى وإياك
فى الأيام التالية لاحظ (أمين) العجب العجاب.. فإلى جانب أن البقرة كانت لا تأكل - ومع ذلك كانت فى غاية الصحة والنشاط - فقد لاحظ حدوث معجزة لم يكن يتصور حدوثها.. أرضه أنبتت الكثير من المحاصيل بين ليلة وضحاها.. لم يصدق عينيه وسجد لله شكرا ثم قال للبقرة مبتهجا:
- لعل الله قد رزقنى بك أيها البقرة الطيبة المباركة
جمع عم (أمين) المحاصيل وباعها وحصل على الكثير من الأموال فأطعم البقرة وأطعم نفسه وبدأت أحواله تتحسن.. والعجيب أنه بات يرى نفس المعجزة تحدث كل يوم.. بعد أن يجمع كل المحاصيل ويبيعها ينام ويستيقظ فيجد محاصيلا جديدة مكتملة النمو نابتة فى أرضه.. ومرت الأيام على هذا الحال حتى خرج عم (أمين) من ضائقته ووسع رزقه حتى أصبح فى حال أكثر سعة من ذى قبل.. ولما لاحظ التجار والمزارعون ما حل به أصابتهم الدهشة والغيرة والحقد.. وربط أحد التجار الخبثاء واسمه (كرمان) بين البقرة التى أخبرهم (أمين) بعثوره عليها وبين الرزق الوفير والبركة التى حلت عليه.. فقرر الحصول على هذه البقرة بأى ثمن.. تسلل فى الليل إلى داخل مزرعة عم (أمين) واختلس النظر من نافذة الاسطبل المفتوحة فرأى البقرة وعرف مواصفاتها ولونها.. وفى اليوم التالى أتى لعم (أمين) وهو يدعى أنه اكتشف بقرة ناقصة من بقراته كان قد نسيها.. ولما طالبه عم (أمين) بذكر مواصفاتها أخبره (كرمان) بلونها ولون ومكان البقعتين اللتين على بطنها ورقبتها.. وبرغم حزن عم (أمين) على أنه سيفارق البقرة الطيبة المباركة إلا أنه منحها لكرمان راضيا وقال له: "هذه أمانتك التى استودعنى إياها الله.. خذها وحافظ عليها"..
عندما عاد التاجر الثرى بالبقرة تبدلت أحواله.. لم يكد يمر أسبوع حتى ماتت كل حيواناته.. وجفت أرضه.. وضاعت أمواله حتى شعر بالخوف والجزع فسارع بإعادة البقرة إلى عم (أمين) واعترف له بكذبه وبالخدعة التى فعلها فربت (أمين) على البقرة وقال:
- الآن عرفت أن هذه البقرة المباركة كانت جزاء خير من الله على صبرى وعلى أمانتى.. وهى أيضا جزاء شر لك على كذبك وطمعك.. ومن اليوم لن أفارقها أبدا وسأسميها (أمانة)
منح (أمين) للتاجر ما يحتاجه من مال ليبدأ من جيد وأخبره بأن الله سيغفر له ويزيح عنه البلاء طالما اعترف بذنبه وتاب عنه.. وعاش عم (أمين) فى رغد وهناء مع البقرة الطيبة وصار من أغنى أغنياء بلدته.. ولم يكف يوما عن حمد الله وشكره على نعمته وعن العطف على الفقراء والمساكين ومساعدتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق